«المهرجان القومي» يختتم جلسات المحور الفكري بـمناقشة «التجريب المسرحي.. أجيال جديدة ورؤى مغايرة»
إيمان عز الدين: المسرح التجريبي مستمر ولا يتوقف عند مرحلة بعينها
عبلة الرويني: مركز الهناجر والمسرح الراقص من متغيرات وجماليات التسعينيات
وليد عوني: الجمهور المصري استقبل اعمالي في المسرح الراقص برفض شديد وهاجموني
عقد المهرجان القومي للمسرح المصري، بالمجلس الأعلى للثقافة، جلسة حوارية ضمن الملتقى الفكري الذي يقيمه المهرجان خلال الدورة ال15 التي تحمل اسم «دورة المخرج المسرحي المصري»، برئاسة الفنان القدير يوسف إسماعيل، وكانت الجلسة بعنوان “التجريب المسرحي.. أجيال جديدة ورؤى مغايرة” وأدارتها د.إيمان عز الدين، حيث تحدث فيها كل من: الناقدة عبلة الرويني عن “جماليات مغايرة للأجيال الجديدة”، وتحدث الفنان وليد عوني عن “المسرح الراقص”.
قال في بداية الجلسة، جرجس شكري رئيس لجنة الندوات وعضو اللجنة العليا للمهرجان، إن هذه الجلسة هي الرابعة والأخيرة من حديث الباحثين ضمن المحور الفكري العام الذي يدور حول المخرج المسرحي، مشيرا إلى أن عنوان “التجريب المسرحي.. أجيال جديدة ورؤى مغايرة” تجلى في تسعينات القرن الماضي حينما بدأ المهرجان التجريبي في نهاية الثمانيات، وبدأ تيار المسرح الراقص أو التعبير الحركي الذي ساهم في أن تكون هناك رؤى مختلفة ومغايرة.
وأوضح جرجس شكري، اعتذار د.هدى وصفي، عن حضور الجلسة، لظروف طارئة، حيث كانت ستتحدث عن مركز الهناجر للفنون ودوره في تغيير وجهة النظر للمسرح.
وبدأت د.إيمان عز الدين، حديثها قائلة: ” كلمة التجريب بدأت من نهايات القرن الـ١٩، من خلال كل المحاولات أو الفعاليات التي كانت تحاول أن تضيف في هذا الأمر، سواء من خلال السينوغرافيا أو الرقص الحركي أو الارتجال وغيرها من العناصر المسرحية”، ومازالت التجارب مستمرة، والمسرح التجريبي مستمر ولا يتوقف عند مرحلة بعينها”.
وتحدثت الناقدة عبلة الرويني عن “جماليات مغايرة للأجيال الجديدة”، قائلة: حينما نتحدث عن جماليات المسرح والإخراج المسرحي في التسعينات لا يمكن فصلها عن التغيرات التي صاحبتها أو دعمتها أو أدت لظهورها، والتي أكدت على الحالة المسرحية المتمردة في تلك الفترة، وهناك تغيرات كثيرة أحدثت مستوى جمالي في الحركة المسرحية المصرية والعربية، ومن هذه المتغيرات وأحد عناصرها “مركز الهناجر للفنون” برئاسة د.هدى وصفي، وكذلك المسرح الراقص في مصر ومؤسسه الفنان وليد عوني”.
وتابعت الرويني: “في بداية التسعينات كان المسرح التجريبي الذي تأسس ١٩٨٨، يحمل صيغة المهرجان الدوري القائم على مشاركات وثقافات دولية كانت بعيدة عن المجتمع المصري والعربي، وفرض لغة فنية تعتمد على لغة أخرى غير الكلام، مثل المسرح الراقص والسينوغرافيا وأحيانا كانت تعتمد على تهميش النص المسرحي على حساب العناصر الفنية الأخرى، فالتجريبي فتح لنا الاطلاع على تجارب فنية أخرى حول العالم، والتي شكلت نوع من الاختلاف الشديد عن المسرح السائد في ذلك الوقت”.
واستكملت: “مع توقف المهرجان التجريبي سنة 1990 بسبب حرب “الكويت والعراق”، أقدمت ٣٤ فرقة مسرحية مستقلة على إقامة المهرجان المسرحي الأول والإعلان عن تيار مسرحي جديد بعيد عن تمويل الدولة، عبر بيان تلاه الفنان خالد الصاوي في المسرح القومي، معلنا تقديم مسرح جديد يعتمد على التمويل الذاتي وتلقي الدعم من جهات أخرى أجنبية أو محلية، وهذا يعني وجود إنتاج بديل بتمويل محدود وميزانيات محدودة، فيكون مسرح فقير إنتاجيا ولكن غني فنيا، ومع مرور الوقت تحولت صيغة الإنتاج البديل للدولة إلى مسرح بديل فنيا وجماليا، وظهرت الفرق المستقلة بطموحاتها بديلا عن إنتاج الدولة وهذا يعتبر متغير من المتغيرات التي نتحدث عنها”.
وأضافت: “هناك متغير آخر في هذه الفترة، وهو إنشاء مركز الهناجر للفنون عام 1999 برئاسة د.هدى وصفي، وحافظ على تطوير كثير من الجماليات الفنية للمسرح من خلال فلسفة دعم الشباب وتقديم ورش فنية لمدربين عالميين، وكثير من المسرحيين العرب المتميزين فكان بها حوارا وانفتاحا على العالم، فكان أهم شيئ في مركز الهناجر أن له بصمات واضحة في هذه المتغيرات حيث به مساحة حرية لم تكن متوفرة في أماكن أخرى بالدولة، وكانت د.هدى وصفي دائما المحامي الذي يدافع عن الشباب ومايقدموه في الهناجر، وهذا خلق عند المسرحيين الشباب أن الهناجر يخصهم وليس مسرح دولة”.
واستطردت عبلة الرويني: “يمكن أن نقول أن فترة التسعينيات وجمالياتها كان بها تغييرات مختلفة إلى حد كبير كانت خاصة بالشباب المسرحي، فكانت حركة مسرحية أكثر حرية ومغامرة وأكثر تجريبية، فكانت العروض المسرحية فيها محاولات التحرر من النص المسرحي وإنتاج نصوص مسرحية جديدة ومختلفة وغير تقليدية فيها نوع من التحرر للنص الأصلي، كان فيه نوع من إعادة مسرحة القصيدة أو الرواية، ووجود مسرح الشارع وبدء صيغة الحكي وتوظيفها على خشبة المسرح والارتجال وإعادة الصياغة للنص المسرحي، وهنا نتوقف أمام خالد جلال حيث قدم مشروعا كاملا أحدث تأثيره على أجيال كثيرة وتأثيره في تكوين الممثل، إلى جانب الجماليات اللي قدمها لنا وجعل الممثل يشارك في الكتابة والموسيقى والحركة والإكسسوار”.
وقالت: “الصعود بالسينوغرافيا كان عنصرا جماليا في النص المسرحي، ففي بداية التسعينات كان مبهر حضور السينوغرافيا في العروض المسرحية، فكانت عروض وليد عوني نموذجا للسينوغرافيا المسرحية التي نكاد نكون نتعرف عليها لأول مرة من خلاله، فكانت الحاضر الدائم كل سنة مع عروض المهرجان التجريبي، وكذلك حضور المسرح الراقص في الفرق المسرحية كان مع وجود وليد عوني، ففي التسعينات كان المسرح الراقص عرضا أساسيا داخل المهرجان التجريبي وداخل الحركة المسرحية وله حضورا قويا جدا، مع وليد عوني فرق مسرحية كثيرة قدمت المسرح الراقص”.
وتابعت الرويني: “ومن ضمن جماليات المسرح في هذه الفترة، الرغبة عند المسرحيين في كسر الشكل التقليدي للمسرح، وأن يعرضوا في الشارع وكان هناك تحايل على ذلك حيث أن القوانين كانت تمنع العروض في الشارع، وبعض الأماكن تقيم العروض في الفضاء أمام المسارح، ولابد أن نشير إلى تجربة المخرج أحمد إسماعيل، حيث أحدث تأثير آخر من خلال مسرح “الجرن” وتقديم العروض المباشرة في فضاء مفتوح ولجمهور مختلف من الفلاحين، فالخروج من الأماكن التقليدية جزء من ملامح التجريب في هذه الفترة وهذه ملامح عامة للتجريب في فترة التسعينات”.
وتحدث الفنان وليد عوني عن “المسرح الراقص” قائلا: “جئت عام 1992على المسرح التجريبي كي أشارك بعرض «تناقاضات» حصلت منه على جائزة وكانت أول جائزة بالتجريبي، وبعد حصولي على الجائزة لفت النظر أكثر وعرضوا علىَّ تأسيس فرقة جديدة، وأسست الفريق 1992 وتم الإعلان عنه 1993 كنت لا أعلم ضرورة التعامل مع الراقصين بشكل مختلف كان صعب تقسمية الجسم وصعب توصيل المفهوم قررت البعد عن فريق الباليه لأنهم خافوا من تحويل فرقة البالية لمودرن وهذا لم يكن هدفي ولا هدف الوزارة الهدف كان تأسيس فرقة جديدة عملت اختبارات انضم إلى كريم التونسي والكاتبة نورا أمين، نانسى التونسي، وتم استقبال هذا الفن برفض شديد من الجمهور، وتمت مهاجمتي فعلاً بقوة عندما قدمت أول عمل لي «ايكاروس»، حيث طالبني الجمهور بالرجوع إلى بلدي، وأعرف أنني كنت أقود ثورة على المسرح، ولابد أن يحدث هذا لأن هذا الرقص عندما ظهر في أوروبا قد رفضوه أيضًا فأي عناصر للتجديد أو الفكر الجريء تدخل في نظام لابد أن تقابل بالرفض، وغوصت في أعماق أدباء مصر وفنانيها المخضرمين، منهم الأديب نجيب محفوظ، والمخرج شادي عبدالسلام، وقدمت عروضا عبرت فيها عن أفكارهم وتوجهاتهم بالجسد والحركة، إلى أن أصبح الجمهور المصري يعترف بالحركة والرقص أكثر؟”.
وتابع عوني: “فوجئت حينما شاركت في 2020 بلجنة مشاهدة مهرجان المسرح التجريبي، بعروض كثيرة تتقدم للمهرجان وليس لها علاقة بالتجريب ولا تحمل المفهوم الحقيقي للتجريب وكان الأفضل لها أن تشارك في المهرجان القومي وليس التجريبي، والعكس حينما كنت في لجنة المهرجان القومي وجدت عروضا كثيرة بها رقص وهذا أسعدني”.
واختتم وليد عوني حديثه قائلا: “المخرج الناجح لا يمكنه أن يتوقف، أنا تعلمت في مصر كثيرا وعملت على العناصر المسرحية وقرأت التاريخ وكل شيئ كان يؤثر في وكل من تعاملت وعملت معهم في مصر حتى في السينما وليس المسرح فقط تعلمت منهم وساعدوني في أن أرى أن المسرح المصري بشكل جيد، وأن أعمل على محور آخر ومختلف في المسرح وهو المسرح الراقص”.